أخبار الدوري | الأندية الأوروبية تتأذى من «فيروس» الفيفا… لكن هناك من هو مستفيد!
لندن ـ «القدس العربي»: قبل عقد من الزمان، وتحديدا في مايو/ آيار 2012، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في المؤتمر السنوي رقم 62 في العاصمة المجرية بودابست، رفع الراية البيضاء أمام عمالقة كرة القدم الأوروبية، بعد الحملة الشرسة، التي شنها صفوة مدربي العالم آنذاك على مؤسسة الفيفا، تحت شعار «الحفاظ على سلامة وأرواح اللاعبين»، مع زيادة أعباء التنقل ومشقة السفر على المحترفين في أوروبا، لتلبية نداء الوطن في مختلف قارات العالم.
وبعد ضغوط لا مثيل لها لتقليص عدد المباريات الدولية والأجندة الودية، بجانب مطالبة الفيفا، بتعويض الأندية ماديا، لتغطية تكاليف تأمين اللاعبين، الذين يصابون خلال وجودهم مع منتخباتهم الوطنية، الذي تحول مؤخرا إلى المصطلح الدارج «فيروس الفيفا»، وافق الرئيس السابق جوزيف بلاتر ومعاونوه على مضض، على تمرير «وثيقة تأمين اللاعبين»، تضمن تعويضات لا تزيد بأي حال من الأحوال على عشرة ملايين يورو للأندية، بالنسبة للاعب الذي تعرض لإصابة طويلة الأجل، مع حد أدنى يُقدر بنحو 20 ألف يورو يوميا، بعد مرور 28 يوما على لحظة الانتكاسة، وهذا تقريبا ما سينطبق على أكثر من ضحية في العطلة الدولية الأخيرة، أشهرهم الخاسر الأكبر في أجندة سبتمبر/ أيلول، نعم عزيزي القارئ، أنت مشجع برشلونة، الذي مر عليك الأسبوع الماضي كالدهر، مع تحديث الأنباء التعيسة على رأس الساعة، بشأن التفشي المخيف لفيروس الفيفا بين رجال تشافي هيرنانديز الدوليين، وبدرجة أقل ميلان الإيطالي، وأندية أخرى تأذت في صمت في أسبوع الفيفا.
أحدث الضحايا
كما شاء القدر، أن يكون ريال مدريد أول وأكبر المستفيدين من وثيقة تأمين الفيفا، بالحصول على مليون يورو، كتعويض على فترة غياب الأسطورة مارسيلو، بعد تعرضه لإصابة أثناء وجوده مع منتخب بلاده البرازيلي في عام 2012، أضيف لها في غضون عامين حوالي خمسة ملايين يورو، وجاء نصف المبلغ جراء إصابة الدولي الألماني السابق سامي خضيرة مع محركات «المانشافت» في مباراة دولية أمام المنتخب الإيطالي في العام 2013، والنصف الآخر لتعويض انتكاسة لوكا مودريتش في مباراة جمعت منتخبه الكرواتي بنفس المنافس الإيطالي. وجاء الدور على الغريم التقليدي برشلونة، ليكون أحدث المستفيدين من تعويضات الاتحاد الدولي للعبة الشعبية الأولى على مستوى العالم، بسبب الكارثة التي هبطت فوق رأس المايسترو، بخسارة المدافع الأساسي رونالد أراوخو، حتى إشعار آخر، بعدما أثبتت الفحوصات الطبية، أن الإصابة التي ألمت به أثناء مشاركته في ودية أوروغواي ضد إيران، التي انتهت بفوز المنتخب الفارسي بهدف نظيف، ليست من النوع الطفيف، بل عبارة عن تمزق من النوع السيئ على مستوى عضلة الفخذ، وعلى إثرها سيضطر مكرهاً على الخضوع لعملية جراحية، بنسبة كبيرة ستعيقه عن تمثيل منتخب «السيليستي» في مونديال الدوحة 2022، وذلك وفقا لصحيفة «موندو ديبورتيفو» المحسوبة على المحيط الإعلامي للـ»بلو غرانا»، التي بادرت بالكشف عن فترة غيابه المتوقعة، وقيمة ما سيحصله الرئيس جوان لابورتا من خزانة الفيفا.
صحيح النادي سيستقبل في حساباته البنكية ما مجموعه 21 ألف يورو يوميا، بداية من اليوم الـ29 من يوم الإصابة، لكن واقعيا، تعتبر بمثابة الكابوس بالنسبة للمدرب تشافي هيرنانديز، الذي كان يسير بمشروعه الجديد خطوات عملاقة إلى الأمام قبل أسبوع الفيفا الأخير، بينما الآن، سيعاني الأمرين لحل المعادلة المعقدة، بالجمع بين الانتصارات في خضم ازدحام روزنامة المباريات في الأسابيع المتبقية على كأس العالم، وبين سياسة المداورة لتفادي المزيد من الإصابات العضلية في المرحلة القادمة، وذلك بعد وصول ضحايا لعنة عطلة الفيفا لنسبة أقل ما يُقال عنها «مزعجة»، والحديث عن الثنائي الفرنسي جول كوندي وعثمان ديمبيلي والثنائي الآخر الهولندي فرينكي دي يونغ وممفيس ديباي، بخلاف تعيس الحظ أراوخو والمصابين القدامى، ولنا أن نتخيل أن هذه الضربات، جاءت في الوقت الذي يستعد فيه البارسا لخوض 12 مباراة من الوزن الثقيل في 5 أسابيع، منها مباراتان حياة أو موت أمام أفاعي الإنتر في الجولتين الثالثة والرابعة لدوري مجموعات أبطال أوروبا، ثم ملحمة بايرن ميونيخ في «كامب نو» في الجولة قبل الأخيرة لمجموعات ذات الأذنين، وبينهما سيشتبك بالعدو الأزلي ريال مدريد في كلاسيكو السادس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول، ثم فياريال وأتلتيكو بلباو وفالنسيا على التوالي في حملة الليغا، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل سيتجاوز تشافي هذا المطب ويواصل المضي قدما في طريقه المفروش بالورود؟ أم سيدفع ثمن تفشي فيروس الفيفا في غرفة خلع الملابس في أكثر فترات الموسم ازدحاما وضغطا للمباريات؟ هذا سيتوقف على جاهزية واستعداد المخضرمين والبدلاء في تعويض الأساسيين في مقدمتهم ضحايا ثورة التغيير جيرار بيكيه وجوردي ألبا وسيرجي روبرتو والبقية.
صفعة رباعية
على مسافة قريبة من برشلونة، يمكننا سماع ورؤية مدرب أبطال الكالتشيو ستيفانو بيولي، وهو يتلوى من الألم النفسي، كلما تلقى إشعارا على هاتفه، بكارثة جديدة تخص رجاله الدوليين، بدأت بالضربة المؤلمة التي تعرض لها الحارس الأول مايك مانيان، في مشاركته في موقعة فرنسا ضد النمسا، التي انتهت بفوز منتخب «الديكة» بثنائية كيليان مبابي وأوليفييه جيرو، وما أثار القلق والمخاوف هناك في «سان سيرو»، أن الحارس لم يقدر على استكمال المباراة، وسبقه مواطنه ثيو هيرنانديز، الذي صدم الطاقم الطبي للروزونيري، بانتكاسة عضلية، على إثرها اضطر لمغادرة معسكر منتخب بلاده، وكان ذلك تزامنا مع تجرع ثنائي المنتخب الإيطالي ساندرو تونالي وكالابريا، من مرارة «فيروس الفيفا»، بانتكاسة مفاجئة للاعبين، عجلت بخروجهما من معسكر المدرب روبرتو مانشيني، ما جعل ميلان، ثاني عمالقة أوروبا، تضررا من العطلة الدولية الأخيرة، وفي موقف شبه كربوني لعملاق الليغا، حيث سيخوض زعيم الكرة الإيطالية على المستوى القاري، نفس عدد مباريات البارسا (12 مباراة)، منها صدام منتصف هذا الأسبوع أمام تشلسي في قمة مواجهات الجولة الثالثة لدوري مجموعات أبطال أوروبا، والآخر المقرر الأسبوع المقبل على ملعب «سان سيرو» في الجولة الرابعة، ولا ننسى أنه سيستكمل دور المجموعات بمواجهة دينامو زغرب خارج القواعد، ثم باستضافة ريد بول سالزبورغ النمساوي في الجولة الختامية، وبين هذا وذاك، سيتعين عليه مصالحة جماهيره، بعد الهزيمة المفاجئة أمام إمبولي في آخر جولة قبل التوقف الدولي، وستكون البداية الحقيقية باختبار السبت المقبل ضد الخصم الشمالي يوفنتوس، في قمة مباريات الأسبوع التاسع للسيريا آه، ليثبت بشكل عملي جديته في ملاحقة نابولي على الصدارة، أو يترك ذئاب روما بقيادة مورينيو أو عدو المدينة الإنتر، يتقدمان نحو دائرة المنافسة على اللقب، فهل يتغلب بيولي على هذه الأزمة ويخرج بأقل الخسائر الممكنة في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الحاسم؟ هذا ما ستكشف عنه نتائج الفريق في سلسلة الاختبارات المعقدة الأسابيع القليلة القادمة.
باقي الضحايا
بإلقاء نظرة عامة على الأكثر تضررا من عطلة الفيفا، سنجد أن فئة قليلة جدا من أندية أوروبا الكبرى، نجت من إعصار سبتمبر/ أيلول، ما بين إصابات دموية وأخرى متوسطة وطويلة الأجل، كما حدث مع أيقونة وقائد المنتخب البرتغالي كريستيانو رونالدو، بعدما تلطخ وجهه بالدماء، في مشهد مروع في مباراة منتخب بلاده ضد نظيره التشيكي، إثر التحام على كرة عالية مع حارس مرمى المنافس، انتهى بضربة في الأنف، أسفرت عن الصورة التي تصدرت عناوين الصحف والمواقع الرياضية في عطلة نهاية الأسبوع الماضي. ومن حسن الحظ، أن الإصابة لم تعيقه عن استكمال المباراة، بعد خضوعه لاختبار الارتجاج في المخ، لكن هذا لا يمنع حقيقة، أنه بصم على واحدة من أضعف عروضه على المستوى الدولي، وتجلى ذلك في الفرص السهلة التي أهدرها أمام شباك الحارس التشيكي، والأسوأ منه، كان زميله في «مسرح الأحلام»، هاري ماغواير، الذي دفع ثمن دعوات الإنكليز عليه، بسبب هفواته الكارثية في ليلة التعادل مع الخصم الألماني العنيد بثلاثية في كل شبكة، بتعرضه لإصابة على مستوى الفخذ، على إثرها سيبقى خارج الخدمة لفترة لن تقل بأي حال من الأحوال عن ثلاثة أسابيع، ستبدأ بغيابه عن دربي المدينة ضد مانشستر سيتي، المقرر اليوم الأحد على ملعب «الاتحاد» في ختام الأسبوع التاسع للبريميرليغ، علما أن فريق المدرب بيب غوارديولا، لم يسلم هو الآخر من فصول توقف الفيفا الباردة، بخسارة واحد من ركائزه الأساسية، وهو المدافع الدولي الإنكليزي جون ستونز، بعد إصابته على مستوى أوتار الركبة في الشوط الأول أمام الماكينات الألمانية، ويُقال إنها ستعيقه عن اللعب لمدة 3 أسابيع، لكن من حسن حظ الفيلسوف، أنه في طريقه لاستعادة الثنائي إيميريك لابورت وناثان آيك، بالإضافة إلى انتهاء إصابة كايل ووكر الطفيفة، كأفضل تعويض في فترة غياب المدافع الأكثر مشاركة بالقميص السماوي منذ بداية الموسم، والتي ستكون مزدحمة بالمواجهات المحلية الطاحنة، أمام خصوم بحجم المنافس المباشر في السنوات الماضية ليفربول، في نفس يوم الكلاسيكو الإسباني، ويتبعه زيارة غير مضمونة للجزء الأحمر لشمال العاصمة لندن، لمواجهة المتصدر والحصان الأسود الجامح في هذه الحملة، آرسنال، في الجولة الثانية عشرة للدوري الأكثر تنافسية وشهرة عالميا، ومباريات أخرى محلية بهذا المستوى، لا تقبل القسمة على اثنين، وسط زحمة المباريات الأوروبية، بخوض ما تبقى من مباريات في مرحلة المجموعات، بواقع مباراتين مع كوبنهاغن الدنماركي في الجولتين المقبلتين، ثم زيارة «سيغنال أيدونا بارك» لمواجهة بوروسيا دورتموند الألماني في الجولة الخامسة، والأخيرة مع إشبيلية الاسباني المترنح في ختام المرحلة.
وعلى سيرة الانتشار الملحوظ لفيروس الفيفا في الدوري الإنكليزي الممتاز، تظهر المؤشرات أن إحصائية الموسم الماضي 2021-2022، حول ارتفاع نسبة إصابات اللاعبين في الأجندة الدولية لحوالي 20%، في طريقها للتحطم هذا الموسم، وهناك احتمالات أن تصل نسبة المخاطر على اللاعبين لأكثر من 30%، مع زيادة عدد مباريات الفرق في بطولة دوري أبطال أوروبا النسخة القادمة، بجانب زيادة عدد مباريات المنتخبات الأوروبية، بإلزام المنتخبات بخوض بطولة دوري الأمم الأوروبية، بدلا من المباريات الودية، وبالمثل رفع عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم لـ48 منتخباً بدلا من 32، ولعل كم إصابات اللاعبين هذه المرة، يعكس حجم مأساة الأندية والمدربين، وبالأخص الكبار منهم في دوريات أوروبا الكبرى. وبخلاف القائمة السابقة، هناك مثلا السويدي ديان كولوسيفسكي، لاعب توتنهام، الذي تأذى خلال مشاركته أمام سلوفينيا، التي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لمثله، وحال أثبتت الفحوصات، أن إصابته في أربطة الركبة ليست طفيفة، ستكون أشبه بالضربة الموجعة، بالنسبة للمدرب الإيطالي أنطونيو كونتي، الذي يعول كثيرا على لاعب يوفنتوس السابق، في عملية الربط بين الوسط وثنائي الهجوم هاري كاين وريشارليسون أو كاين وسون، بينما في الجهة الأخرى في الحي الشمالي اللندني، تعرض اللاعب الغاني توماس بارتي، لإصابة غامضة أثناء قيامه بالإحماءات قبل مواجهة البرازيل وديا، وذلك في الوقت الذي يعاني فيه متصدر البريميرليغ من غيابات بالجملة في وسط الملعب، أبرزهم الدولي المصري محمد النني، الذي تأكد غيابه عن الملاعب، حتى بداية العام الجديد على أقل تقدير، وما زاد الطين بلة بالنسبة للمدرب ميكيل آرتيتا، ما حدث مع المدافع الاسكتلندي كيران تيرني، بعد إصابته أمام ايرلندا، وغيرها من الإصابات، التي تعزز ولو جزء من مصداقية، الدراسة التي أجرتها مجموعة «هودن» البريطانية، وخلصت إلى أن الأندية الكبرى في الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا، تدفع ضريبة باهظة الثمن، نتيجة ما وُصف بالعامل المفاجئ للاعبين، نتيجة زيادة عدد المباريات، التي جعلت الأغلبية الكاسحة، عرضة لمخاطر التعب والإصابات العضلية، وبالأخص من تخطوا حاجز الـ30 عاما.
وكان ساحر ريال مدريد لوكا مودريتش، آخر الضحايا الأكثر عرضة لخطر الإصابات العضلية، بحكم تقدمه في السن، وذلك بعد تعرضه لإصابة عضلية على مستوى الفخذ، على إثرها سيغيب عن التدريبات والملاعب لفترة تتراوح بين 10 أيام وأسبوعين، نتيجة المجهود الزائد، الذي بذله في مباراتي كرواتيا أمام الدنمارك والنمسا في دوري الأمم الأوروبية، وبدرجة أقل، عاد زميله النمساوي ديفيد آلابا، بانتكاسة عضلية، يُقال إنها لن تبعده
عن الفريق لفترة طويلة، تماما كما هو الحال بالنسبة للمنبوذ إيدين هازارد، الذي عاودته الإصابة في مباراة بلجيكا ضد هولندا، وقائمة أخرى تتسع في كل توقف، كمؤشر على أن القادم سيكون أصعب وأكثر تعقيدا على اللاعبين، وتكلفة علاجهم، بعدما سجلت أندية البريميرليغ ما يقرب من ربع مليار يورو، كفواتير لعلاج اللاعبين المصابين الموسم الماضي، و130 مليون يورو لأندية الليغا، و80 مليون بنفس العملة لأندية الليغ1، نصفها من نصيب أثرياء العاصمة باريس سان جيرمان. لكن مقابل هذه الكوارث والخسائر، نجد أن هناك نقطة مضيئة من عطلة الفيفا، لا يتطرق لها أحد، وهي الفرصة الثمينة، التي يتحصل عليها كل المصابين، للتعافي من مشاكلهم على مدار أسبوعين، مثل قائد وهداف ريال مدريد كريم بنزيمة، الذي استفاد من التوقف الدولي على أكمل وجه، بإنهاء برنامج إعادة التأهيل بدون ضغوط، بعد غيابه عن الفريق في آخر 3 مباريات قبل الأسبوع الدولي، ونفس الأمر ينطبق على تشلسي، الذي استعاد متوسط ميدانه نغولو كانتي، بعد غياب دام أسابيع، ومعه الحارس السنغالي إدوارد ميندي، وكذا آرسنال سيستعيد الظهير الأيسر أليكسندر زينتشينكو، بعد تعافيه من الإصابة التي حرمته من تلبية نداء الوطن في التوقف الدولي، وماركوس راشفورد مع مانشستر يونايتد، والعائدون من بعيد مع برشلونة ومانشستر سيتي، والسؤال لك عزيزي القارئ: هل تؤيد وجهة النظر التي تتهم اليويفا والفيفا بزيادة نسبة إصابات اللاعبين؟ أم تعتقد أنها تأتي بفوائد من منطلق المقولة المأثورة «مصائب قوم عند قوم فوائد»؟ اخبرنا برأيك.
إقرأ أيضاً في أخبار الدوري :
