أخبار الدوري | العقد الجديد لهالاند مع مانشستر سيتي وجاذبيته التجارية العالمية
إيرلينغ هالاند، المهاجم النرويجي الشاب الذي بات واحداً من أبرز نجوم كرة القدم في العالم، يواصل كتابة فصل جديد في مسيرته الرياضية والتجارية، بعد توقيعه عقداً جديداً مع مانشستر سيتي حتى عام 2034.
هذا العقد الضخم لا يقتصر فقط على تعزيزه لوجوده في الدوري الإنجليزي الممتاز، بل يفتح له آفاقاً جديدة في التسويق والشراكات التجارية مع علامات عالمية، كما أفاد موقع “ذا أتلتيك”.
ويبدو أن هالاند بات لديه كل شيء الآن، إذ وقّع عقده الجديد، الذي من المؤكد أنه مُربح جداً، ولديه صفقات كثيرة مع علامات تجارية عالمية، بما في ذلك “نايكي” و”بيتس باي دري” Beats by Dre وشركة تصنيع الساعات الفاخرة “بريتلينغ” Breitling، كما أنه بات أباً للمرة الأولى الشهر الماضي.
وكان المهاجم، البالغ 24 عاماً، على مسار تصاعدي منذ تسجيله في أول مباراة له كمحترف بعمر 16 عاماً مع نادي مولده Molde النرويجي ضد نادي فولدا Volda في أبريل 2017، وهذا ما قاده إلى قمة كرة القدم الأوروبية والعالمية.
وعلى الملعب، يرتعب مدافعو الدوري الإنجليزي الممتاز لدى رؤيتهم هالاند يتجه نحوهم. أما خارج الملعب، فالشركات في العالم بأكمله تصطفّ لربط نفسها بأحد أشهر اللاعبين في أبرز رياضة بالعالم.
“هالاند رمز لنجاح سيتي”
يصعب التكهّن بما سيحدث في مانشستر سيتي خلال العقد المقبل، خصوصاً مع الحكم المرتقب بشأن 115 اتهاماً (رسمياً 129) وُجّهت للنادي من الدوري الإنجليزي الممتاز، ومع احتمال رحيل بيب غوارديولا، مدربه الأسطوري، عندما ينتهي عقده صيف 2027.
ولكن سيكون من الحماقة أن تراهن ضد إضافة هالاند مزيداً من الألقاب في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا إلى خزانة النادي.
ويُرجّح أيضاً أن يكون هناك مزيد من جوائز “الحذاء الذهبي” كأفضل هداف، وربما حتى يحطّم الرقم القياسي لألن شيرر في الدوري الإنجليزي الممتاز بـ260 هدفاً (هو الآن برصيد 81 هدفاً). وإذا كان في حالة جيدة، يُرجّح أن يكون في دائرة النقاش السنوي حول جائزة “الكرة الذهبية” الممنوحة لأفضل لاعب في العالم.
ويقول كارلوس هورتادو، وهو محامٍ رياضي في شركة “بيكر ماكنزي” Baker McKenzie، وهي إحدى أبرز الشركات القانونية في العالم: “هناك اعتبارات كثيرة تدخل في تحديد ما تجده الشركات جذاباً في السفراء، الرعاة وصفقات العلامات التجارية والشركاء التجاريين، ولكن في السياق الرياضي فإن الأمر يتلخّص في الأساس بأداء اللاعب وصورته ومدى انتشاره العالمي”.
وأضاف: “مانشستر سيتي هو أحد الأندية الرائدة في أكبر الدوريات وأكثرها جاذبية تجارياً في العالم، وبات هالاند رمزاً للنجاح الذي حققه النادي في السنوات الأخيرة وواحداً من أكثر الوجوه شهرة في اللعبة”.
إيرلينغ هالاند يحيّي مشجعين لدى مغادرته الملعب بعد مباراة ودية بين مانشستر سيتي وتشيلسي في الولايات المتحدة – 3 أغسطس 2024 – Kyle Robertson-USA TODAY Sports
الامبراطورية التجارية لهالاند
وحتى قبل توقيع هذا العقد، كانت الجاذبية التجارية لهالاند والثروات التي حققها، ضمنت له حياة مالية مستقرة.
وفي حساباتها الأخيرة، حتى نهاية ديسمبر 2023، أشارت شركة York Promotions Limited، وهي شركة خاصة لهالاند تتعامل مع حقوق استخدام صورته وصفقاته التجارية، إلى أصول تُقدّر بـ12 مليون جنيه إسترليني للعام السابق، مع 7 ملايين جنيه إسترليني نقداً في المصرف، وأكثر من 5 ملايين جنيه إسترليني لا تزال مُستحَقة من شراكات مختلفة.
ومع ذلك، فإن هذا العقد الذي يمتدّ لنحو عقد مع مانشستر سيتي، يدفعه إلى آفاق جديدة، إذ يتوقّع العاملون في الصناعة أن تنمو امبراطوريته التجارية بشكل كبير بسببها.
ويقول غاريث بالش، مؤسس وكالة التسويق الرياضي Two Circles ورئيسها التنفيذي: “أعتقد بأنه (عقد هالاند الجديد) سيكون له تأثير كبير (على جاذبيته التجارية)”.
وأضاف: “أعتقد بأن إحدى أكبر المشكلات المتعلّقة بعقود اللاعبين من منظور العلامات التجارية، تتمثل في خطر أن يكون اللاعب يمثل نفسه فقط، بدلاً من كيان مثل فريق أو دوري، وذلك لأن العلامات التجارية عادةً ما تكون قلقة بطابعها بشأن فكرة الاستقرار، سواء الاستقرار في الأداء أو عدم الاستقرار في مكان واحد، ولذلك فإن الحصول على هذا الاستقرار هو أمر مهم جداً”.
وتابع: “هذا العقد الطويل يقول الكثير عن هالاند كفرد، وعن قدرته على الالتزام والمتابعة ووضع خطة واضحة، وأي شخص يقضي أكثر من خمس دقائق في النظر إلى مسيرته ونظرته وكيفية تعامله مع الأمور، يمكنه أن يرى أنه شخص يخطّط لخطواته بكل تأكيد”.
وزاد: “لا أعرف ما إذا كنت تتذكّر الفيلم الوثائقي “هالاند – القرار الكبير” Haaland — the Big Decision الذي بُثّ قبل سنوات، أعتقد بأن هذا الفيلم يوضح الكثير عمَّن هو وما يمثله، ممّا يجعله أيضاً أكثر جاذبية للأطراف الخارجية”.
لاعب المليار جنيه إسترليني
في مقابلة مع صحيفة “ذا غارديان” البريطانية في نوفمبر 2023، قالت رافاييلا بيمينتا، وكيلة أعمال هالاند، إن اللاعب النرويجي يمكن أن يجمع مليار جنيه إسترليني على مدى مسيرته المهنية، إذا أخذنا في الاعتبار أرباحه داخل الملعب وخارجه.
وأضافت: “لا أقول إن رسوم الانتقال تبلغ هذا المبلغ، لكنني أتحدث عن المبلغ الكامل، بما في ذلك الراتب، ورسوم الانتقال، وإيرادات البثّ، والرعاية، ومبيعات التذاكر والقمصان، التي قد يصل مجموعها مع لاعب مثل إيرلينغ إلى مليار جنيه إسترليني”.
هالاند الذي سيبلغ 25 عاماً في يوليو المقبل، لا يزال في وقت مبكّر نسبياً من مسيرته الكروية، والتي، نظراً إلى الطريقة التي يعتني بها بنفسه، قد تمتدّ إلى أواخر الثلاثينات من عمره.
رونالدو وميسي
هناك فرصة أيضاً للتطوّر الكبير في المجال التجاري بالنسبة إليه. فرغم أن مانشستر سيتي لا يتمتع بالجاذبية العالمية ذاتها مثل ريال مدريد، مثلاً، في ما يتعلّق بعلامته التجارية العالمية والمستوى التاريخي للنجاحات، فإن هناك اتجاهاً متزايداً لميل المشجعين الأصغر سناً إلى دعم اللاعبين بشكل فردي وليس الأندية، وهذا ما قد يكون في مصلحة هالاند.
ويضيف غاريث بالش: “ما زال مانشستر سيتي علامة تجارية غير ناضجة نسبياً على المستوى العالمي، مقارنةً بريال مدريد أو مانشستر يونايتد أو ليفربول من منظور كرة القدم، لكن العلامة التجارية العالمية للنادي ستزدهر في السنين العشر المقبلة، وسيتعزّز ذلك بشكل كبير بوجود لاعب بارز مثل هالاند”.
وتابع: “هل هالاند هو لاعب كرة القدم الأكثر قابلية للتسويق في العالم؟ ربما، لا سيّما إذا استمرّ في تسجيل 20 هدفاً في الموسم على مدى المواسم العشرة المقبلة في الدوري الإنجليزي الممتاز، فمن المؤكد أنه يمكن أن يصبح كذلك، خصوصاً إذا نضج وفهم كيفية الاستفادة من شخصيته وعلامته التجارية لمصلحة الآخرين”.
وزاد بالش: “(كريستيانو) رونالدو و(ليونيل) ميسي هما أكثر اللاعبين قابلية للتسويق في العالم، ولكن مرة أخرى، العمر يشكّل جزءاً من المعادلة. كانا رائعين قبل 10 سنين، لكنهما أكثر قابلية للتسويق اليوم (وهما بعمر 39 و37 عاماً ويلعبان في المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة) ممّا كانا عليه في ذلك الوقت، وأعتقد بأن هذا هو المغزى من كيفية نضوج اللاعب ليصبح أكثر قدرة على تسويق نفسه”.
وأشار إلى أن “هالاند سيكون على غلاف EAFC (لعبة الفيديو) وفي حملات كثيرة لعلامات تجارية ستساعد في زيادة قاعدته الجماهيرية، وبالتالي، قاعدة مانشستر سيتي على مدى فترة العقد، ولذلك فإن الجميع سيستفيدون، والنظام الذي سيعمل لتشييده في سيتي سيكون ذا قيمة، بالنسبة إليه ولمُلاك النادي”.
مبابي وباريس سان جيرمان
مانشستر سيتي هو العضو الأبرز في مجموعة سيتي لكرة القدم (CFG)، وهي مؤسسة متعدّدة الأندية تمتلكها بالأغلبية مجموعة أبوظبي المتحدة، المملوكة للشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويعتقد المتخصّصون في الصناعة بأن العلاقة بين الإمارات وهالاند ستتوطّد بشكل أكبر خلال مدة هذا العقد، وشبَّهوها بعلاقة النجم كيليان مبابي وقطر خلال فترة وجوده في باريس سان جيرمان، المملوك لصندوق قطر للاستثمارات الرياضية، المُموّل من الدولة، قبل انتقاله الصيف الماضي إلى ريال مدريد.
ويضيف هورتادو، محامي شركة “بيكر ماكنزي”: “هذه العقود بعيدة المدى يمكن أن تتضمّن حوافز إضافية أخرى أيضاً، ولكن ليس واضحاً ما إذا كان هذا هو الحال مع هالاند، وهي الحوافز التي يمكن أن تشمل المشاركة في الملكية المستقبلية للنادي أو أنواعاً أخرى من المشاركات مع مالكي النادي. ومن الأمثلة على ذلك هو حق ميسي في امتلاك حصة من الأسهم في (إنتر ميامي) كجزء من عقده معه”.
وأضاف بالش: “واضح أنه ستكون هناك بلا شك فرص كبيرة له من الشرق الأوسط، ومن خلال ذلك، من أبوظبي. انظر كيف كانت علاقة مبابي بالقطريين، والتي تم توثيقها جيداً خلال فترة وجوده في باريس سان جيرمان، ممّا يجعلك تتساءل عمّا إذا كان هناك امتداد لذلك هنا بالنسبة إلى هالاند، ليكون سفيراً للإمارات والمنطقة”.
هالاند لن يكون وحده مَن سيستفيد من هذا العقد الجديد، فصحيح أن الأمر سيكلّف مانشستر سيتي أموالاً كثيرة، في شكل رواتب وحوافز على مدى العقد المقبل، لكنه يستطيع الآن التخطيط لصفقات مع الشركاء التجاريين والقول بثقة إن مهاجمه الأسطوري، الذي يُعدّ أحد أكثر الشخصيات شهرة في كرة القدم، سيبقى مع الفريق على المدى البعيد.