أخبار الدوري | مونديال ٢٠٣٠.. المغرب يسعى إلى تطوير بنيته التحتية
يراهن المغرب على استغلال تحقيقه لحلم تنظيم مونديال ٢٠٣٠ مع جاريه إسبانيا والبرتغال، لجعله فرصة لتطوير بنيته التحتية وتعزيز قوته الناعمة، وفق تحليل لوكالة فرانس برس.
فبعد ٣٥ عاماً على أوّل محاولة لاستضافة نسخة ١٩٩٤، وأربع محاولات أخرى فاشلة، سيستضيف المغرب الحدث العالمي للمرة الأولى في تاريخه، بعد اعتماد الملف المغربي الأسباني البرتغالي ترشيحاً وحيداً لنسخة كأس العالم ٢٠٣٠ من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، مطلع أكتوبر، مع منح أميركا الجنوبية ثلاث مباريات.
ويتعيّن على هذا الملف المشترك النجاح في عملية التقييم، وتأكيد مؤتمر فيفا لهذا القرار خلال اجتماعه المقرَّر في ٢٠٢٤.
وتأكيداً لإصراره على مطاردة هذا الحلم، أعلن المغرب قبل خمسة أعوام، نيته الترشح لتنظيم مونديال ٢٠٣٠، وذلك بعد يوم واحد من فشله في سباق تنظيم مونديال ٢٠٢٦, قبل أن يعلن الملك محمد السادس في مارس الانضمام للجارين إسبانيا والبرتغال في ترشيح مشترك.
لا يرتبط هذا الإصرار فقط بشغف المغاربة بكرة القدم والذي أوصلهم للمركز الرابع في مونديال قطر ٢٠٢٢، والسعي لتقوية حضور المملكة الدولي، ولكن أيضاً “بخلفية أن تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى فرصة لخلق تنمية. يمكن أن نحقق في ستة أعوام بنية تحتية ربما تستغرق منا ٢٠ عاماً”، وفق الباحث في الشؤون الرياضية منصف اليازغي في حديث لوكالة فرانس برس.
وعلى المستوى الرياضي، تعتزم المملكة تشييد ملعب كبير في بلدة بنسليمان، الضاحية الشمالية للدارالبيضاء، بكلفة تناهز ٥ مليارات درهم (نحو ٤٦٠ مليون دولار)، وفق ما أعلنت الحكومة المغربية في بيان.
فيما سيُعاد تأهيل ستة ملاعب أخرى في الدارالبيضاء والرباط ومراكش وفاس وأغادير وطنجة، لتكون جاهزة لاحتضان بطولة كأس أمم إفريقيا ٢٠٢٥ ومونديال ٢٠٣٠.
وستتم الأشغال على مرحلتين على أن تنتهي العام ٢٠٢٨، بميزانية إجمالية تراوح بين ١٤ و ١٥.٥ مليار درهم (١.٣ إلى ١.٥ مليار دولار).
تحتضن مدن مراكش وطنجة وأغادير حالياً أحدث ملاعب البلاد، وقد بُنيت في سياق ترشح المغرب لاحتضان مونديال ٢٠١٠ الذي راح في نهاية المطاف لجنوب إفريقيا وكان الأول في تاريخ القارة.
تتوقع دراسة لشركة التمويل “سوجيكابيتال”، أن تبلغ تكاليف التنظيم بالنسبة للمغرب حوالي ٥٢ مليار درهم (نحو ٥ مليارات دولار), واعتبرت أن بإمكان الموازنة العامة تحمّلها، مع توقع اللجوء إلى دعم من الخارج في حدود مليار دولار.
فضلاً عن الملاعب ومراكز التدريب، تشمل الاستثمارات المرتقبة بالأساس تقوية شبكة المواصلات والفنادق والاتصالات الرقمية، خصوصاً التحوّل لخدمات الجيل الخامس.
وهو ما من شأنه تحقيق انتعاشة قوية على الأمدين القريب والمتوسط، في قطاعات البناء والمصارف والسياحة، وفق نفس المصدر, وتشير تقديرات “سوجيكابيتال”، إلى أن عائدات السياحة العام ٢٠٣٠ سوف تقارب ١٢٠ مليار درهم (نحو ١١.٧ مليار دولار).
علماً أن المملكة سجّلت عائدات “قياسية” خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، بحوالي ٧١ مليار درهم (نحو ٧ مليارات دولار)، وفق وزارة السياحة, ويفترض كذلك الاستثمار في المرافق الصحية، التي يعاني فيها المغرب خصوصاً.
وأكد فوزي لقجع، الذي يتولى في الوقت عينه رئاسة اتحاد كرة القدم ووزارة الميزانية، أن الهدف هو جعل التحديات التي ستبرز في أفق مونديال 2030 “وسيلة لرفع وتيرة التنمية في بلادنا”, كما أضاف عضو مجلس فيفا “بلادنا كانت دائماً قبلة للمستثمرين، لكن الوتيرة سترتفع في مختلف البنى التحتية”.
وبالإضافة إلى “خلق فرص عمل وتحفيز النمو الاقتصادي”، سيمكّن تنظيم مسابقة من حجم كأس العالم “من تقوية اللحمة الاجتماعية من خلال شعور بالوحدة الوطنية والفخر”، حسب تصريحات للباحث في علوم الرياضة عماد خاطر لوكالة فرانس برس, ويوضح “إنه امتياز عظيم واعتراف بمكانة المغرب على الصعيد الرياضي العالمي”.
يصادف مونديال ٢٠٣٠ تحدياً أكبر للمملكة، يتمثل في طموحها تحقيق معدل نمو ٦ بالمئة سنوياً في أفق العام ٢٠٣٥، كحد أدنى لتجاوز معضلة التفاوتات الاجتماعية والمجالية الحادة في البلاد.
لرفع هذا التحدي، الذي سطّره تقرير رسمي قبل عامين، يأمل المغرب في قلب معادلة الاستثمار الذي تتحمل الدولة حالياً ثلثي أعبائه، باستقطاب الرساميل الخصوصية المحلية والدولية “شريطة أن يتمتع مسار التنمية المقترح بالمصداقية”.
ويبدو احتضان المونديال فرصة “لتعزيز القوّة الناعمة للمغرب وقدرته على استقطاب مستثمرين وسياح أجانب” كما يرى اليازغي، فضلاً عن تقوية حضوره في القارة الأفريقية التي تجمعه بها ٤٤ اتفاقية شراكة في إطار “دبلوماسية الكرة”.
يبدو الحدث الرياضي العالمي أيضا فرصة “لمواصلة هذه الدبلوماسية الرياضية الناعمة التي بدأت قبل بضعة أعوام، وبالتالي إمكانية حشد دعم أكبر للقضية الوطنية”، كما يستطرد خاطر في إشارة إلى نزاع الصحراء الغربية، وهي منطقة موضع خلاف منذ عقود بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
فضلاً عن تقوية العلاقات مع إسبانيا والبرتغال، خصوصاً بعد تأييد مدريد لموقف الرباط من نزاع الصحراء الغربية منذ العام الماضي.